بحث حول وظيفة التسويق في المؤسسة

 



بحث حول وظيفة التسويق في المؤسسة

بحث حول وظيفة التسويق في المؤسسة

 

مقدمــة: 

تعتبر وظيفة التسويق من أهم الوظائف الإدارية لأي منظمة والمحددة لنجاحها. فقدرة أي منظمة على انتاج السلع وتقديم الخدمات تكون محدودة مالم يصاحبها جهدا تسويقيا فعالا يساعد على تحديد احتياجات المستهلك وزيادة المبيعات والربحية حتى تسعى المنظمة إلى تحقيقها فقد تقوم إدارة الإنتاج بإنتاج سلعة معينة بكميات كبيرة وتكلفة مناسبة، وقد تضع إدارة البحوث والتطوير تصميما جذابا للسلعة وتوفر الإدارة المالية التمويل الكافي، ولكن كل هذه الجهود لن تؤتي ثمارها إلا بالتسويق الفعال للمنتجات والخدمات التي تقدمها المنظمة للسوق.

المطلب الأول: نشأة وتطور مفهوم التسويق

أولا: المفهوم التقليدي للتسويق: 

التسويق عملية اجتماعية وإدارية يحمل من خلاله الأفراد والجماعات على احتياجاتهم ورغباتهم من خلال خلق وتقديم وتبادل المنتجات ذات القيمة مع الاخرين. ( ) 

حيث أن التبادل هو جوهر التسويق وبالرغم من أن التبادل يمكن أن يحدث بين الأفراد والمؤسسات والأمم، إلا أن تركيزنا الأساسي سيكون على التسويق كما يحدث في المؤسسات أي أن التسويق هو عملية وليس فقط تبادل فردي وتشمل هذه العملية على العديد من الأنشطة التي تؤدي إلى تحقيق الهدف النهائي من التبادل.

ثانيا: مراحل تطور مفهوم التسويق: 

على الرغم من اختلاف رجال التسويق في تقسيمهم لمراحل تطور مفهوم التسويق إلا أنه يمكننا القول بصفة عامة أنه يمكن تقسيمها إلى : 

1- مرحلة التوجه بالإنتاج: 

لقد أدت الثورة الصناعية إلى استخدام تكنولوجيا متطورة في الإنتاج وظهور الإنتاج الكبير والمستمر مما أظهر الحاجة إلى التسويق حيث يمكن تصريف الإنتاج مما أوضح أهمية بيع السلع التي سبق انتاجها ولذا سميت هذه المرحلة بالتوجيه بالإنتاج.

2-مرحلة التوجه بالمبيعات: 

بعد ما زاد عرض السلع والخدمات التي تقدمها المنظمة نتيجة التطور في أساليب الإنتاج وتراكم رأس المال المستمر وكذا واجه رجال الإدارة مشكلة لما يعتادوا عليه في الفترات السابقة وهي زيادة الاهتمام بوظيفة البيع ورجال المبيعات لحثهم على تصريف أكبر قدر من السلع والخدمات التي تقدمها المؤسسات ولذا سميت هذه الفترة بمرحلة التوجه بالمبيعات حيث زادت أهمية إدارة المبيعات وأصبح لها تأثير في توجيه أنشطة المنظمة.

3-مرحلة التوجه بالترويج: 

تختلف هذه المرحلة عن سابقتها اختلافا كبيرا فيما يتعلق بالأنشطة التسويقية حيث أدت الظروف الاقتصادية والسياسية إلى حدوث انكماش كبير في الطلب وقد أدى هذا إلى ظهور وظيفة الإعلان باعتبارها نشاطا فعالا يمكنهم من الإتصال بالسوق والتأثير فيه.

4-مرحلة التوجه بالمستهلك: ( ) 

لقد أصبح هدف المؤسسة اشباع حاجات المستهلك مع تحقيق ربح معقول ولقد أثر هذا المفهوم الجديد على فلسفة المؤسسة فأصبحت تحدد حاجات المستهلكين ورغباتهم ث تدرس كفية اشباع هذه الحاجات لتحقيق رضاهم ولقد أثرت هذه التغيرات أيضا في الأطراف التي يشملها التسويق، فأصبح يهتم بكل العاملين في المنظمة تقريبا.

5-مرحلة التسويق المتكامل: 

لقد تبين لرجال التسويق أن نجاح التسويق يعتمد على إيجاد نوع من التوازن بين كل التغيرات والعوامل التي تؤثر في النشاط التسويقي حديثا بإيجاد نوع من التكامل سواءا من حيث الأهداف أو الوظائف او المجالات أو الأعمال التي يشملها النشاط التسويقي والأطراف التي يهتم بها.

ثالثا: المفهوم الحديث للتسويق: 

هو وظيفة او نشاط يكون بعد تخطيط وتنظيم ورقابة لجهود المشروع ودراسة السوق المستهدف من حيث خصائصه وحجمه وتفضيلاته ودراسة المنتجات بهدف تقديم ما يناسب المستهلك من سلع وخدمات تتفق مع رغباته. وباختصار يمكن القول بأن مهمة النشاط التسويقي هي تقديم السلعة المناسبة بالسعر المناسب وفي المكان والوقت المناسبين واعللام المستهلك بوجود السلعة وتقديم المعلومات التي تؤدي إلى الثأثير فيهم لقبولها .

و فيما يتعلق بعناصر المزيج التسويقي فهناك إتفاق عام متعارف عليه ومقبول بين العاملين والدارسين في مجال التسويق على أنه يتكون من أربعة عناصر رئيسة وهي: 

السلعة: ومعناها الشامل أنها مجموعة المنافع.

السعر: وهوقيمة السلعة.

الترويج: وهو الإعلان والعرض للسلعة.

التوزيع: اتاحة السلعة أو بيعها للمستهلك.

المطلب الثاني: أوجه الإختلاف بين مفهومين البيع والتسويق

1- التصور الوظيفي: 

و من هذا المنطلق يعتبر البيع مفهوم علاجي في حين يعتبر التسويق مفهوم وقائي، فبالنسبة للأول فهو يحاول معالجة وتصريف التراكم في المنتجات، بينما يقوم الأخير على الوقاية من السقوط في ظاهرة تراكم المنتجات 

2- البحث عن الربح: 

يعتبر تحقيق الربح عنصر مشترك بين البيع والتسويق ولكن الفرق يكمن في الكيفية، فالبيع يعمل على زيادة حجم المبيعات لتحقيق أقصى ربح ممكن، أما التسويق فيعمل على تحديد حاجيات المستهلك وثم انتاج ما يحتاجه وتحقيق ارضاءه الذي يضمن الإستمرارية .

3- الموقع من أنشطة المؤسسة: 

إن مفهوم البيع التقليدي الذي يقتصر دوره على تصريف الإنتاج، يجعل نشاط البيع يلي نشاط الإنتاج وأما مفهوم التسويق الحديث بما يتضمنه من بحوث التسويق وبحوث التصميم وبحوث التمويل ودراسة سلوك المستهللك وعمليات النقل والتخزين تجعل نشاط التسويق يسبق نشاط الإنتاج ويليه كذلك، ومن هذا المنطلق فإننا نستنتج أن المفهوم الحديث للتسويق هو اكثر شمولية واتساعا من المفهوم التقليدي المحصور في البيع بعد الإنتاج.

4- مجال التركيز : 

i) بالنسبة للبيع: 

- يحاول تصريف الفائض من السلع.

- إستبدال تراكم السّلع مع ما يملكه الزبون من نقود.

- التّركيز على حاجات البائع.

- تحوبل السّلع إلى نقود.

ب) بالنّسبة للتّسويق: 

- يحاول عدم السّقوط في ظاهرة التّراكم.

- إيجاد ما يرغب فيه المستهلك من سلع وخدمات.

- التّركيز على حاجات البائع.

- إرخاء المستهلك.

5- تكامل وإنفراد الجهود: 

إنّ منظور التّسويق يندرج ضمن المنظور التّكاملي لأنشطة المؤسّسة المختلفة عن تمويل، إنتاج وتموين والّي يعتبر جميع أنشطة المؤسّسة في نفس المستوى من الأهميّة لبلوغ أهدافها، أمّا البيع فقد إرتبط بمرحلة انفراد وظائف المؤسّسة والإعتماد على سياسة أسبقية وظيفة الإنتاج، حيث أنّ الإنتاج كان يعتبر أوّلا قبل البيع فإن لم يكن هناك إنتاج لا يكون هناك بيع، أمّا في التّسويق فالإنتاج يسبق التّسويق ثمّ يليه.

المطلب الثالث: أهداف التّسويق

تختلف أهداف التّسويق بإختلاف المراحل وعلى الرّغم من هذا فإنّنا نستطيع أن نشير إلى ثلاثة أهداف بإيجاز، وما قد يوجّه إلى بعضها من إنتقادات .

أولا: هدف الرّبح: 

تسعى المؤسّسة جاهدة لتعظيم أرباحها ولا يتحقّق ذلك إلّا بإرضاء المستهلكين وتعظيم الإستهلاك أيّ زيادة السّلع والخدمات التي يستهلكها الأفراد وبالتّالي زيادة الأرباح بعد إرضاء المستهلكين ولكنّ زيادة إستهلاك بعض السّلع والخدمات قد يسيئ إلى الأفراد، حيث يرى بعض رجال الأعمال والإدارة أنّ تحقيق الرّبح هو من مسؤوليّة إدارة التّسويق وهو إعتقاد خاطئ لأنّه حصيلة تظافر جهود جميع الأقسام والوحدات في المؤسّسة.

ثانيا: هدف النّمو: (التّنميّة): 

هو من بين أبرز الأهداف ألا وهو تحقيق النّمو أو التّنمية المستدامة وذلك بالحفاظ على البقاء والإستمراريّة مع مرور الأجيال حيث يساهم التّسويق في تحقيق هدف النّمو من خلال التّوسّع عن طريق زيادة حجم المبيعات وذلك راجع إلى زيادة الطّلب على الإنتاج حيث تعمل المؤسّسة على توسيع قاعدتها الإنتاجية وزيادة شّة المنافسة والبحث عن أسواق جديدة.

ثالثا: هدف البقاء: 

حيث تسعى المؤسّسة دائما إلى البقاء والإستمرار ويلعب التّسويق بإستمرار على فرص تسويقيّة جديدة، كما تسعى إلى تطوير وتنظيم نظم المعلومات التّسويقيّة وذلك بجمع ومعالجة وتدوين المعلومات بالشّكل الّذي يسمح لها بالتّزوّد بالمعلومات السّوقيّة.

تعتبر الأهداف الثّلاثة السّابقة الأهداف الأساسية لوظيفة التّسويق، كما توجد أهداف أخرى منها: 

تعظيم رضا المستهلك: ( ) 

حيث يرى البعض أنّ العبرة ليست في تعظيم الإستهلاك وإنّما البحث عن عملاء للمؤسّسة وإشباع حاجياتهم.

تعظيم نوعيّة الحياة وتطويرها: 

حيث يعتبر أنّ هدف أيّ نظام تسويق هو تطوير نوعيّة الحياة بجوانبها المادّيّة والمعنويّة داخل المجتمع وذلك على مدى إشباع سلع وخدمات المستهلكين.


المطلب الرابع: العوامل الواجب مراعاتها في تنظيم جوانب التّسويق: 

1. طبيعة المؤسّسة: سواء كانت المؤسّسة انتاجيّة أو تجاريّة فقد يستطيع الوليّ الإستغناء على إدارة التّسويق بإستثناء تسويق المنتجات لهيئات متخصّصة غير أنّ التّسويق يمثّل محور نشاط بالنّسبة للمؤسّسة التّجاريّة.

2. حجم المؤسّسة: المؤسّسة الصغيرة لا تحتاج لهيئة مستقلّة للتّسويق على عكس المؤسّسات الكبيرة التي تحتاج إلى إدارة مستقلّة للتّسويق عند باقي الإدارات وهذا راجع إلى أنّ قسم التّسويق يتعارض مع أهداف أقسام أخرى .

فقسم الهندسة مثلا يصل إلى تصميم سلعة معيّنة ولكن يصعب تحقيقه أو تنفيذه وهذا يؤدّي إلى حدوث صراع مع قدم الإنتاج.

3. حجم الإنتاج وتنوّع السّلع: نظرا إلى السّلع سواء كانت صناعيّة أو استهلاكيّة

4. حجم وعدد الأسواق: أي مجموعة الأسواق التي تتعامل مع المؤسّسة الإنتاجيّة من أجل تسويق إنتاجها محلّية أو جهويّة أو خارجيّة.


المطلب الخامس: علاقات إدارة التّسويق بالإدارات الأخرى: 

إنّ الإتّحاد الفعال بين إدارات المؤسّسة يعتبر من العوامل الأساسيّة في نجاحها وفيما يلي بيان طبيعة العلاقات الّتي يجب أن تربط إدارة التّسويق بأهمّ الإدارات في المؤسّسة .

1. إدارة الإنتاج: 

إذا كانت وظيفة إدارة الإنتاج هي إنتاج ما يحتاج إليه ويطلبه إليه المستهلك فإنّ مهمّة تحديد ما يطلبه المستهلك تقع على عاتق إدارة المؤسّسة التي يتعيّن عليها إبلاغه في الوقت المناسب بإدارة الإنتاج حتى تبرمج أو تعدّل عمليات انتاج ممّا يتّفق ورغبات المستهلك في المنتوج. 

2. إدارة المشتريات: 

 غالبا ما تفضّل هذه الإدارة في المؤسّسة الإنتاجيّة الكبيرة وثيقا بينهما. فهي المسؤولة عن شراء جميع مستلزمات الإنتاج

أمّا بالنّسبة للمؤسّسة التّجاريّة فتحتلّ إدارة المشتريات مكان إدارة الإنتاج في المؤسّسة الإنتاجيّة، لذلك يكون الإرتباط وثيقا بينهما.

3. إدارة الماليّة: 

نظرا لحاجة عمليات البيع إلى رأسمال عاجل، فإنّه لابدّ للسّياسات البيعيّة الّتي تتّبعها إدارة التّسويق فيما يتعلّق بمنع الإئتمان وتحديد الأسعار أن تتماشى مع الحالة الماليّة للمؤسّسة. فلا يعقل مثلا أن تقوم إدارة التّسويق بإبرام عقود بيع على حساب لأجل في وقت تشكو فيه المؤسّسة ندرة السّيولة.

4. إدارة التّصدير: 

إنّ إختلاف ظروف التّجارة الدّاخليّة عن الخارجيّة أدّى في معظم المؤسّسات الكبرى الّتي تطمح لغزو الأسواق الخارجيّة ‘إلى فصل إدارة التّسويق عن إدارة التّصدير حيث تختصّ الأولى في ترويج وتوزيع المنتجات على مستوى السّوق الداخلي، بينما تختصّ الثّانية في خلق الظروف الملائمة لغزو منتجات المؤسّسة للأسواق الأجنبيّة. ويتوقّف الفصل بين الإدارتين على إهتمام المؤسّسة بالأسواق الخارجيّة .

الخاتمــــة

إن التسويق موضوع شاسع باعتباره عنصر أساسي في أي مؤسسة اقتصادية فهو يعتبر مقياس تطور الإدارة الاقتصادية 

يعتبر التسويق العنصر الباعث لروح الاقتصاد وازدهاره كونه يقوم بالترويج للمنتجات والسلع الموجودة جميعا بالتعريف بجودتها ومميزاتها وهذا حتى يمنع ركودها وبقائها في المخازن وتجريدها من قيمة الاقتصادية.

التطور الاقتصادي يفرض على رجال الأعمال وأصحاب المؤسسات دراسته واذخال نظامه في أي مؤسسة اقتصادية ومن هنا يمكننا القول أننا نعيش عنصر التسويق فهو يصنع الاقتصاد والاقتصاد يصنع السياسة والسياسة تحدد ملامح هذا العصر ومستقبله.


قائمة المراجع: 

النجار نبيل ، األصول العلمية للتسويق، البيع واإلعالن القاهرة ، مكتبة عين شمس، 1991.

الغيص منى ، منى ، إدريس ، ثابت ، إدارة التسويق ، مدخل استراتيجي وتطبيقي ، مكتبة الفالح للنشر والتوزيع .

البكري ثامر ، التسويق اسس ومفاهيم معاصرة ، دار اليازوري العلمية للنشر ، عمان ، 2012.

العبدلي ، فحطان ، العالق بشير ، التسويق ، دار زهران للنشر ، 2002.


إرسال تعليق

0 تعليقات