بحث حول الوظيفة المالية في المؤسسة الاقتصادية
مقدمة
يزداد الاهتمام يوما بعد يوم بمواضيع الدراسات المالية في مختلف الأنشطة وتحليلها لما تقدّمه من فوائد عظيمة في عالم الاقتصاد اليوم، والذي يشهد نهضة كبيرة، ومن بين هذه المواضيع الوظيفة المالية التي يتجلّى هدفها الأساسي في المؤسسة الاقتصادية هو الاستمرار والبقاء في طريق الربح والنّمو، كون هذه الوظيفة في غاية الأهمية والحساسية باعتبارها العصب الأساسي في المؤسسة حيث يعود إليها الدور الأساسي في مواجهة المنافسة والتصدّي لأي مستجدات جراء تأثير المحيط الخارجي.
المبحث الأول: لمحة عامة عن الوظيفة المالية في المؤسسة الاقتصادية.
المطلب الأول: لمحة تاريخية عن الوظيفة المالية.
واكبت الوظيفة المالية التطور الفكري في مجال الإدارة المالية، فحتى منتصف الخمسينات كان المحور الأساسي للوظيفة العامة يتلخص في تدبير الأموال اللازمة لمنشآت الأعمال، ومع التطورات الجوهرية التي بدأت قبيل انتهاء الخمسينات، بدأت الوظيفة المالية تأخذ مفهوما أكثر شمولا. فلم تعد تلك الوظيفة قاصرة على القيام بالخطوات الإجرائية لتدبير الاحتياجات المالية اللازمة، بل امتدّت لتشمل اتخاذ القرارات بشأن نوعية الأموال المطلوب تدبيرها، والقرارات التي تحدّد المدى الذي ستذهب إليه المنشأة في الاعتماد على القروض لتمويل أصولها، وتلك التي تحدّد مدى الاعتماد على كل من مصادر التمويل طويل الأجل ومصادر التمويل قصير الأجل.
كذلك دخلت الوظيفة المالية في مجالات أخرى جديدة تتمثل في اتخاذ القرارات المتعلقة بحجم الاستثمار المناسب في كل عنصر من عناصر الأصول الثابتة والأصول المتداولة، بما يضمن كفاية الأموال المستثمرة في كل أصل، وبما يضمن في نفس الوقت عدم المغالاة في الاستثمار فيه، فنقص الأموال المستثمرة في أحد الأصول قد يترتب عليه ضياع فرصة لتحقيق أرباح إضافية، كما أنّ المغالاة في الاستثمار قد تؤدي إلى نفس النتيجة، إذ تعني إغراق جزء من الموارد المالية للمنشأة في استثمارات إضافية لا تتحقق من ورائها أي عائد.
ولم تقتصر الوظيفة المالية على اتخاذ القرارات الاستثمارية والتمويلية، بل اقتضى الأمر ضرورة إضافة مهمتين إضافيتين يعتبران من مستلزمات عملية اتخاذ القرارات. المهمة الأولى هي القيام بالتخطيط المالي للتعرف على ما سوف تكون عليه الأوضاع في المستقبل وذلك قبل اتخاذ أي قرار. أمّا المهمة الثانية فهي تنمية بعض المعايير الرقابية للوقوف على حقيقة المركز المالي للمنشأة، وللحكم على مدى سلامة القرارات التي تمّ اتخاذها بالفعل.
باختصار تغير مفهوم الوظيفة المالية من مجرد وظيفة تختص بإجراءات تدبير الموارد المالية اللازمة، إلى وظيفة تختص باتخاذ القرارات في مجال الاستثمار وفي مجال التمويل، كما تختص بالتخطيط المالي والرقابة المالية، وحتى يتمّ أداء مهام الوظيفة المالية على أحسن وجه، ينبغي على القائمين عليها أن يسترشدوا في أدائهم لهذه المهام بالهدف الرئيسي الذي تسعى الإدارة المالية إلى تحقيقه، فأي إجراء أو قرار مالي لا يسهم في تحقيق هذا الهدف ينبغي أن يحكم عليه بالفشل( ).
المطلب الثاني: مفهوم الوظيفة المالية.
الوظيفة المالية هي مجموعة من المهام التي تصبّ في توفير الموارد المالية وتسييرها، كما تتخذ عدّة جوانب أدوات تقنية كميّة، وأخرى نوعية( ).
تعتبر الوظيفة المالية من الوظائف الأساسية لقيام واستمرار النشاط الاقتصادي حيث تطور مفهوم الوظيفة وظهر مفهومان، الأول تقليدي والثاني حديث.
أ) المفهوم التقليدي: تعرف على أنّها النشاط الذي يرتكز أساسا على تحصيل الأموال بالطريقة الأقل كلفة، ، أي ينصب اهتمام الوظيفة المالية على تسيير الأموال اللازمة، وتسييرها بعد ظهور الصناعات والاختراعات التكنولوجية الجديدة التي زادت م حاجة المؤسسات إلى الأموال نتيجة لذلك، ذكر الاهتمام على وصف طرق التمويل الخارجي وإهمال جانب التسيير الداخلي للمؤسسة وذلك باقتصاره على الخصوم في الميزانية.
وعليه أصبحت الوظيفة المالية مماثلة لمفهوم التمويل إلاّ أنّ هذا المفهوم التقليدي للوظيفة المالية تفرض الكثير من الانتقادات ومن أهمّها: كونه مفهوم جزئي لا يأخذ بعين الاعتبار الاتجاهات الحديثة لهذه الوظيفة التي اتسع نطاقها اتساعا ملحوظا، استجابة للتقدم العلمي السريع بما في ذلك تقدم وسائل التحليل المالي والأدوات العلمية، بفعل تطور المعلومات والتقنيات الكمية.
ب) المفهوم الحديث: مع التطور الجوهري بدأت الوظيفة المالية تأخذ مفهوما أكثر اتساعا لتشمل اتخاذ القرارات بشأن نوعية الأموال المطلوبة، وتحت هذا القرار مدى اعتماد المؤسسة على القروض لتمويل أصولها سواء كان تمويل طول أو قصير المدى، كما دخلت الوظيفة في مجالات أخرى تتمثل في اتخاذ القرارات بمجالات الاستثمارات المستقبلية في كل عنصر من عناصر الأصول الثابتة والمتداولة بما يضمن كفاية الأموال المستثمرة في كل أصل وعدم المغالاة في استثمار فيها، كذلك اقتضى الأمر إضافة مهمتين جديدتين إلى الوظيفة المالية، الأولى وهي التخطيط المالي لمعرفة ما ستكون عليه الأوضاع في المستقبل وذلك قبل اتخاذ القرار، أمّا المهمة الثانية هي الوقاية المالية للحكم على مدى سلامة القرارات التي تمّ اتخاذها بالفعل( ).
المطلب الثالث: أهمية الوظيفة المالية.
إنّ الهدف الأساسي للمنشأة اليوم هو ضمان بقائها في ظل القيود المفروضة علليها من المحيط، فعليها إذا أن تضمن نوعا من التوازن المالي الذي يسمح لها بمواصلة نشاطها، لذلك فإنّ الجانب المالي ركيزة أساسية بالنسبة للمؤسسة، كما أنّه لا يخفى أنّ عدم كفاية الأموال أو نقصها في المؤسسة يؤدي إلى عواقب وخيمة تضرّ المؤسسة وتزعزع استقرارها، ويمكن أن تؤدي بها إلى الزوال، هذا لأنّ نقص المال يؤدي في أغلب الأحيان إلى ضياع الفرص الاستثمارية، وبالتالي يقلّ الربح. وقد تتعرّض المؤسسة إلى خسارة لأنّ صحتها ونموها مرتبط بتوازن مختلف أجزاء الميزانية ومراقبة هيكلها المالي باستمرار، أضف إلى ذلك أنّ القرارات المختلفة المتخذة في المنشأة لها انعكاسات مالية باعتبار أنّ الوظيفة المالية في الاقتصاديات الحديثة أصبحت تتعدّى جمع الأموال إلى المشاركة في اتخاذ القرارات اتجاه نوعية الأموال المطلوب بتدبيرها رغم أنّه لا توجد قاعدة عامة تمكن من معرفة الوظيفة المالية لمجموع المنشآت، إلاّ أنّ هذه الأهمية تتوقف أساسا وترتبط إلى مدى كبير بحجم المؤسسة( ).
المبحث الثاني: مهام الوظيفة المالية وأهدافها.
المطلب الأول: مهام وأهداف المدير العام.
مهام المدير المالي:
المدير المالي هو الشخص المسؤول بجدارة عن تنفيذ الوظائف المالية، ومن أهمّ مهامه ما يلي:
-1 البحث والحصول على الأموال.
-2 تحديد كلفة كل مصدر من مصادر التمويل.
-3 تخصيص الأموال.
-4 إنشاء العلاقات مع المصارف المختلفة وتطويرها.
-5 تنسيق العلاقة مع الأسواق المالية ومتعهّدي الإصدار.
-6 تحديد الهيكل المالي الأمثل من وجهة نظر المؤسسة.
-7 الإشراف على تنفيذ السياسة المالية المعتمدة في كافة نشاط المنشأة ومراقبتها.
-8 مساعدة المدير العام في تفهّم نتائج التقارير المالية.
-9 الإشراف على إعداد الحسابات الختامية للمشروع.
-10 تخطيط الأرباح( ).
هدف المدير المالي:
يهدف المدير المالي إلى تحقيق أهداف الملاك، فلو نظرنا إلى الشركات المساهمة، نجد أن المديريون من غير الملاك، لا يهدفون إلى تحقيق أهدافهم الشخصية (زيادة الترتبات، الشهرة، المحافظة على وظائفهم)، ولكن الأصح هو تعظيم ثروة الملاك، وإذا ما تحقق هذا الهدف فإنه من المفروض ضمنيا تحقق مصالحهم الشخصية.
يعتقد البعض ان هدف الملاك، تعظيم الربح، بينما يعتقد البعض الآخر أن الهدف هو تعظيم الثروة وبصفة عامة يوجه إلى تعظيم الربح كهدف ثلاثة انتقادات هي:
-1 أنه هدف قصير الأجل ويمثل ذلك وجهة النظر المحدودة القصيرة الأجل.
-2 أنه لا يأخذ في الحسبان المخاطر المترتبة على ذلك.
-3 يترتب عليه تدهور قيمة السهم السوقية، وهو ما يتعارض مع هدف المساهم.
فقد تتمكن الشركة من زيادة الأرباح في الوقت الحاضر، وذلك بشراء الآلات الأقل كفاءة واستخدام مواد رديئة الجودة ونشيط المبيعات، وبيع المنتجات بسعر يحقق للشركة حافة ربح عالية من كل وحدة، والنتيجة المترتبة على مثل هذه الاستراتيجية، زيادة الأرباح في العام الحالي، ولكن ماذا يحدث في السنوات المقبلة؟ تدهور الأرباح بشكل واضح ويرجع ذلك إلى:
-1 تأكد العملاء من انخفاض جودة المنتج.
-2 زيادة تكاليف الصيانة للآلات المنخفضة الجودة.
النتيجة انخفاض المبيعات في الوقت الذي تتجه في التكاليف إلى الارتفاع مما يؤدي إلى انخفاض الأرباح وبذلك يتضح أنه في الأجل القصير قد تعظيم الربح، ولكن مثل هذه السياسة تؤدي إلى انخفاض هامش الربح في المستقبل بما قد يؤدي في النهاية لإفلاس الشركة.
والنقطة القانية الخاصة باستراتيجية تعظيم الربح هي أن نجاح هذه الاستراتيجية متوقف على الأرباح المتوقعة والتي يجب تقديرها فإذا كانت الأرباح الحالية أقل مما كان متوقعا فهذا يعني فشل هذه الاستراتيجية.
والنقطة الأخيرة لتعظيم الربح كهدف، أنه قد يترتب عليه انخفاض القيمة السوقية للأوراق المالية، ولذلك فإن الأسلوب الوحيد لتعظيم الربح من فترة لأخرى هو إعادة استشهار الأرباح بالحصول على الأصول الإيرادية لتدعيم الأرباح الحالية، أي أن هذه الاستراتيجية لا تسمح بأي توزيعات على المستثمرين وهو ما يؤدي إلى المستثمرين وهو ما يؤدي إلى الاتجاه التنازلي لسعر السهم.
تعظيم الثروة كهدف :
يعتبر تعظيم الثروة كهدف استراتيجية مثلى بالمقارنة باستراتيجية تعظيم الربح كهدف لعدة أسباب:
-1 هي استراتيجية طويلة الأجل، تعمل على تعظيم القيمة الحالية لاستثمارات الملاك، بإقرار المقترحات الاستثمارية التي تزيد من القيمة السوقية للأوراق المالية، وفي ظل هذه الاستراتيجية فإن المدير المالي يعمل في ظروف عدم التأكد لذلك فهو يقارن بين العوائد المختلفة والمخاطر المصاحبة لكل منها وهل يوجد ما يبرر الاستثمار وتحمل المخاطر أم لا، وعلى ضوء العلاقة بين العائد، والخطر، يمكنه بناء الاستراتيجيات التي تهدف إلى تعظيم ثروة الملاك في ظل المستوى المقبول من المخاطر.
-2 نأخذ استراتيجية تعظيم الثروة في الاعتبار أن الملاك يعطون أهمية خاصة للتوزيعات النقدية المنظمة التي يحصلون عليها بصرف النظر عن حجمها، لذلك تعمل معظم الشركات في ظل افتراض أن سياسة التوزيعات لها تأثير في جذب مستثمرين جدد، ولذلك نجد أن للمعرفة بسياسة الشركة ومدى استقرارها بخصوص التوزيعات، تأثير على القيمة السوقية للسهم.
وإذا كانت ثروة المساهم في أي لحظة تساوي القيمة السوقية لحصنه مطروحا منها الالتزامات الخاصة بهذه الحصة، فإن أي زيادة في القيمة السوقية للأسهم تؤدي بالتبعية إلى زيادة ثروته، وبذلك نجد أن الشرطة المهتمة بتعظيم الثروة تدفع توزيعات بصفة منتظمة وبالمقابل، وفقا لتعظيم الربح كهدف، فإن الشركة التي تتبنى هذا الهدف تأخذ بسياسة عدم دفع توزيعات.
خلاصة القول أن المساهم يفضل تعظيم الثروة في الأجل الطويل بدلا من زيادة الأرباح في الأجل القصير، وقد يكون تعظيم الربح جزء من استراتيجية تعظيم للثروة نقد يتم الجمع بينهما ولكن لا يحدث العكس( ).
المطلب الثاني: أهداف الوظيفة المالية.
يمكن تقييم الأهداف التي تسعى الوظيفة المالية إلى تحقيقها إلى هدفين أساسين:
أولا: الأهداف العامة
ونقصد بالعامة لأن المؤسسة ككل ترمي إلى تحقيقها وتقع المسؤولية الكبرى على المدير المالي، لأنه الشخص الذي تتجمع لديه كل السياسات المالية ليجعلها ويقيمها وهذه الأهداف.
-1 هدف تعظيم الربح: يعتقد البعض أن هدف المؤسسة هو تعظيم الربح ولكن ما نوع الربح؟ الربح الكلي أو الربح في السهم.
يرى الكثيرين أن تعظيم الربح الكلي ليس مهما، لأن المسؤولية باستطاعتها زيادة إجمالي الأرباح عن طريق إصدار أسهم جديدة وهو ما يعني تخفيض ربح السهر الواحد ويجدون فكرة تعظيم الربح في السعم بالرغم من أن هذه الفكرة لها عيوب منها:
- أنه هدف قصير.
- تجاهل القيمة الزمنية للقيود.
- أنه يعني التركيز على مصلحة الملاك.
ونتيجة لهذه العيوب أو الانتقادات طالب البعض بمبدأ تعظيم الثروة.
-1 هدف تعظيم الثروة: يتضمن هذا الهدف تحقيق عائد أعظمي على الاستثمارات حيث يحصل المساهم على عائد في شكل أرباح موزعة وهو هدف طويل الأجل، يعمل على زيادة القيمة الحالية لاستثمارات الملاك، كما يعتبر كمحصلة للقرارات المالية هذه القرارات هي الاستثمار والتمويل.
تؤثر القرارات المالية على ثروة الملاك أي قيمة المؤسسة من خلال تأثيرها على حجم العائد الذي يتوقع أن تحققه المؤسسة، وأيضا من خلال تأثيرها على حجم العائد الذي تتعرض لها من جراء تلك القرارات، ويجدر الإشارة إلى أن العلاقة بين العائد والمخاطر هي علاقة تعويضية أو توازنية.
في مجال التمويل نجد أن زيادة اعتماد المؤسسة على القروض بدلا من حقوق الملكية يساهم في زيادة المخاطر نتيجة لانخفاض تكاليف الأموال المفترضة مقارنة مع تكاليف حقوق لملكية إلا أنه يؤدي في نفس الوقت إلى زيادة مخاطر الإفلاس، في حالة ما إذا واجهت المؤسسة مشاكل ومصاعب حلت دون مقدرة المؤسسة على الوفاء بقيمة ذلك القرض والفوائد بتاريخ استحقاقها.
ثانيا: الأهداف الخاصة
وهي خاصة بكفاءة التسيير في الإدارة المالية نفسها وتتمثل في توفير الشروط لبقاء المؤسسة واستمرارها والتي نجد تعبيرها المالي في مفهوم السيولة، الملائمة المالية، المردودية، النمو والتوازن المالي والمحافظة على الاستقلالية المالية.
-1 هدف السيولة: هناك مفهومات للسيولة
أ- المفهوم الكمي: وهو المفهوم الذي ينظر إلى السيولة من خلال كمية الأصول الموجودة لدى المؤسسة والت يمكن تحويلها إلى نقد في وقت ما خلال الدورة التجارية للمؤسسة.
ب- المفهوم عن طريق التدفق: وهو مفهوم الذي ينظر إلى السيولة على أنها كمية الموجودات القابلة للتحويل إلى نقد خلال فترة معينة مضافا إليها ما يمكن الحصول عليه من المصادر الأخرى للأموال.
من خلال هذين المفهومين يمكن أن نستنتج ما يلي:
- السيولة هي أن تتوفر الأموال عند الحاجة إليها.
- السيولة هي القدرة على توفير الأموال لمواجهة الالتزامات عند استحقاقها.
- السيولة هي القدرة على تحويل بعض لموجودات إلى نقد جاهز خلال فترة قصيرة دون خسارة.
-2 هدف التوازن المالي: إلى التوازن المالي هو استعداد المؤسسة لضمان تسديد ما عليها من ديون وهو مصلحة لتوافق التدفقات الداخلية والخارجية، هذا التوافق يمكن أن يكون فوري ويكون التوازن المالي قصير الأجل وإذا استمر تواجده في المستقبل يكون بصدد التوازن المالي الطويل الأجل.
أ- التوازن المالي قصير الأجل: هو هدف قصير الأجل تقاس بنسبة السيولة يمكن للمؤسسة من خلاله الاحتفاظ بجزء من موجوداتها على شكل سيولة وهذا الجزء من السيولة تحكمه أسس عملية لا ينبغي تجاهلها.
ب- التوازن المالي طويل الأجل: معناه قدرة المؤسسة على تسديد ديونها بتاريخ استحقاقها بطريقة مستمرة في المستقبل وهذا التوازن يظهر بنقدية موجبة على المدى الطويل، هذا المفهوم بهيكل تمويل مجموعة احتياجات المؤسسة لأنه عند عدم توفر المفهوم سيؤدي بزوال المؤسسة كمركز لاتخاذ القرارات وهذا ما نجده في القيود الاقتصادية التي تحكم النظام الرأسمالي، أيضا بالنسبة للمؤسسة العمومية أصبح هدف التوازن المالي طويل المدى يشكل قيد مالي وعبئ مالي وعبئ تقيل للبقاء.
-3 هدف المردودية: تعتبر المردودية مطلب أساسي لتغطية تكلفه رأس المال وهي أيضا ضرورة مالية، سواء للحفاظ على الاستقلالية المالية للمؤسسة أو لضمان توازنها المالي أو لزيادة قدرتها التوسعية، وسنتطرق خلال الفصل الثالث إلى مفهوم دقيق للمر دودية وتحديدها.
-4 هدف النمو: كل مؤسسة تسعى إلى المحافظة على بقائها واستمرارها وهذا لا يتم إلا بتحقيق شروط الأزمة لضمان تطورها والمتمثلة في:
- تحسين الإنتاجية.
- الاهتمام بوجود المنتوجات.
- توسيع سوقها.
وبمتابعة هذه الأهداف فإن المؤسسة تضطر إلى توسيع وتجديد استمرارها المالية وهذا يعني قدرة المؤسسة على:
- تحقيق أرباح كافية لتمويل هذه البرامج.
- إيجاد مصادر التمويل الملائمة لزيادة رأس المالي أو اللجوء إلى القروض الطويلة أو المتوسطة الأجل.
-5 هدف الاستقلالية المالية: وهي من المهام الأساسية للمدير المالي لأن فقدانها يعني فقدان المؤسسة لاستقلاليتها الكلية ولكي لا يحدث هذا يجب على الجهاز المالي أن يقوم بتنبؤات وخصوصا في مجال الخزينة، ليشكل نظاما إعلاميا فعالا على الجهاز المالي يسمح بتدفق المعلومات خصوصا تلك المتعلقة بالمحاسبة التي تطلعنا عن ما يخص نواتج وتكاليف المؤسسة.
-6 هدف الملائمة المالية: والملائمة المالية هي قدرة المؤسسة على دفع أو تسديد ديونها في تاريخ استحقاقها في أي لحظة كانت، وبهذا فهي في علاقة دائمة مع السيولة وتقاس بالعلاقة التالية:
الملائمة المالية = النقديات / ديون قصيرة الأجل.
ولكي يمكن تحقيق الأهداف السابقة وتكين الإدارة من الرقابة الإدارية على الأداء المالي للمنظمة مع تجنب المشاكل التي تنتج عن نقص لبيانات أو عدم دقتها، لابد من وجود تحديد واضح للعلاقات والمسؤوليات الوظيفية للمؤسسة لعمل الأفراد والأقسام داخل الإدارة المالية( ).
المطلب الثالث: علاقة الوظيفة المالية بمختلف المجالات المعرفية.
وظيفة التمويل ومجالات المعرفة الأخرى:
يهمنا التعرف بصفة أساسية على العلاقة بين وظيفة التمويل ومجالات المعرفة الأخرى كالمحاسبة والاقتصاد حيث تعتمد الوظيفة المالية على العلوم الاقتصادية، في تكوين بيئة ونظرية التمويل، وبصفة خاصة الاقتصاد التجميعي والاقتصاد الجزئي حيث يختص الاقتصاد التجميعي بالبيئة العامة والمنظمات المالية بينما يختص الاقتصاد الجزئي بتحديد الاستراتيجيات المثلى للشركات المساهمة والمشروعات الفردية، وكل هذه الجوانب لها تأثير على ممارسات الإدارة المالية ويمكن توضيح ذلك كما يلي:
-1 العلاقة بين الاقتصاد التجميعي والوظيفة المالية:
يهتم الاقتصاد التجميعي بالبيئة التي تمارس فيها وظائف التمويل، لذلك تفيد النظريات الاقتصادية في تفهم المتغيرات ذات العلاقة بهذه البيئة، فهم يهتم بالنظام المصرفي ككل والوسطاء الماليين، وكذلك السياسات المالية الحكومية ومتابعة النشاط الاقتصادي داخل المجتمع وكيفية السيطرة عليه، ولكن هذه النظريات لا تعترف بالحدود الجغرافية لذلك فهي تتطرق إلى المنظمات والمؤسسات المالية الدولية حيث تتدفق الأموال فيما بينها.
وطالما ان المشروع جزء من هذه البيئة، لذلك فمن الضروري أن يلم المدير المالي بالإطار التنظيمي لهذه المنظمات، الآثار المترتبة على السياسة الاقتصادية وأثرها على بيئة القرار، أي انه يمكن القول بأن المدير المالي لا يستطيع القيام بوظائفه بطريقة مرضية إذا لم يكن متفهما لهذه العلاقات وعليه أيضا تتبع أثر التغير في السياسة المالية على مقدرة الشركة في الحصول على الأموال وتحفيف الأرباح وكذلك الإلمام بمختلف المنظمات المالية، وشروطها، ونظام العمل بها، لتقدير مصادر الأموال المحتملة والمناسبة للشركة.
-2 العلاقة بين الاقتصاد الجزئي والوظيفة المالية:
تهتم نظرية الاقتصاد الجزئي بالأداء الاقتصادي الفعال للمشروع أي أنها تؤثر على الإجراءات والتصرفات التي تحقق الأداء المالي الجيد، لذلك فهي تهتم بالعلاقة بين الطلب والعرض واستراتيجيات تعظيم الربح حيث تستند الأخيرة في رسمها على النظريات الاقتصادية الجزئية، خاصة القرارات المتعلقة بتحديد التشكيل الأمثل لعوامل الإنتاج، والمستويات المثلى للمبيعات واستراتيجيات التسعير للمنتجات، حيث تتأثر هذه الجوانب بالنظريات الاقتصادية الجزئية، فتوجد نظريات تساعد في قياس مستوى المنفعة والخطر ومحددات القيمة أو الثمن، وإذا لم يستطع المدير المالي تطبيق هذه النظريات، فإنه على الأقل يعمل من خلال مجموعة المبادئ العامة المشتقة من هذه النظريات.
وباختصار من الضروري المعرفة بالعلوم الاقتصادية لتفهم البيئة المالية ونظريات اتخاذ القرار وهما يشكلان جوهر الغدارة المالية المعاصرة، فالاقتصاد التجميعي يزود المدير المالي برؤية واضحة عن السياسات الخاصة بالمنظمات الحكومية والمالية وغيرها التي من خلالها تتدفق الأموال، والائتمان وتعمل على ضبط النشاط الاقتصادي العام.
وللعمل داخل هذه البيئة التي تشكلها هذه المؤسسات فلا بد من الإلمام بالاقتصاد الجزئي كأساس لرسم وتخطيط العمليات وتعظيم الأرباح فلا يواجه المدير المالي المنافسين فقط داخل الصناعة وغنما عليه أن يتصدى للظروف الاقتصادية المرتقبة سواء كانت ملائمة أو غير ذلك.
علاقة وظيفة التمويل بالمحاسبة:
ينظر البعض إلى وظيفة التمويل والمحاسبة داخل المشروع على أ. نفس الشيء وقد يتم الجميع بينهما ومع ذلك توجد علاقة وثيقة بين هذه الوظائف حيث تعتبر المحاسبة المدخل لوظيفة التمويل أي أن المحاسبة هي وظيفة فرعية من وظائف التمويل وتتمشى وجهة النظر هذه مع التنظيم التقليدية لأنشطة الشركة حيث تصنف هذه الأنشطة إلى ثلاثة مجالات رئيسية هي:
-1 التمويل
-2 الإدارة
-3 التسويق
وفقا لذلك، تدخل وظيفة المحاسبة تحت نطاق التمويل ومن الملاحظ أنها تدخل تحت نطاق سلطة رئيس القطاع المالي بشركات القطاع العام بمصر، وعلى الرغم من ذلك فإنه يوجد اختلافين أساسيين بينهما، يتعلق الاختلاف الأول بأسلوب وطريقة معالجة وتسجيل تدفق الأموال والاختلاف لثاني خاص باتخاذ القرار ( ).
المطلب الرابع: وظائف الوظيفة المالية.
تحديد مصادر الحصول على الأموال:
تنقسم مصادر الحصول على الأموال بالنسبة إلى أي منظمة إلى قسمين:
-1 المصادر الداخلية:
تشمل المصادر الداخلية رأس المال وزيادة رأس المالي أي المصادر التي يكون مصدرها من داخل المنظمة نفسها وكثيرا من المنظمات وخاصة المنظمات الصغيرة تعتمد في هيكلها التمويلي على رأس مال ملاكها أي الأموال المملوكة فقط من قبل المالكين وذلك من تمويل احتياجاتها المالية.
-2 المصادر الخارجية :
تشمل المصادر الخارجية إصدار السندات والاقتراض من البنوك والمؤسسات المالية المقرضة، فقد تعتمد بعض المنظمات على الاقتراض في هيكلها التمويلي بحيث يشكل الاقتراض نسبة كبيرة بالقياس مع الملكية.
إن كلا من هذين النوعين من المصادر له تكاليفه المتعلقة به وعلى الإدارة الجيدة أن تلجأ إلى المصادر الأقل تكلفة في هذا المجال مع مراعاة مراقبة نسبة المديونية وطبيعتها في حدود معينة، وهناك تصنيف آخر لمصادر الحصول على الأموال بالنسبة للمنظمات، حيث يمكن تقسيم التمويل هنا إلى نوعين كما يلي:
أولا: مصادر التمويل قصيرة الأجل:
تستخدم المصادر قصيرة الأجل لتمويل النفقات الجارية أو الاحتياجات قصيرة الأجل كتمويل المخزون والذمم النقدية وغيرها.
ومن أهم هذه المصادر:
أ- الائتمان المصرفي:
تعتبر البنوك التجارية من أقدم المؤسسات المالية التي تقوم بتمويل الشركات من أجل تغطية نفقات أنشطتها التجارية.
إن هذا النوع من الاقتراض يشمل إجمالا ما يسمى بعناصر التسهيلات الائتمانية المباشرة والتي تتضمن:
أ- الجاري مدين (الاعتماد البسيط): وهو اتفاق البنك وعملية ينص على حق المقترض في سحب مبالع بسقف أعلى خلال فترة محددة.
ب- الكمبيالات المخصومة: حيث يكون لأي تاجر أن يقوم بخصم الكمبيالات ويحصل على الأموال التي يحتاجها.
جــ - القروض: ومنها القروض المضمونة وغير المضمونة، ومنها المضمونة بضمان شخصي أو عيني.
ب- الائتمان التجاري: وهو ائتمان يحصل عليه المشتري بالأجل من البائع بعد إتمام إجراءات شراء البضاعة.
ومن أهم مزايا الائتمان التجاري انه لا يترتب عليه أية فوائد إضافي، بالإضافة إلى أن إجراءات الحصول عليه سهلة وليست معقدة وقد يتخذ الائتمان التجاري احد الأشكال التالية:
-1 رصيد جاري مدين: حيث يتفق المشتري مع التاجر أن يزوده على الحساب بالبضائع التي يرغب بشرائها.
-2 الكمبيالات: الكمبيالة هي سند أو محرر مكتوب يتضمن تعهد محرره بدفع مبلغ محدد لأمر المستفيد بمجرد الاطلاع على السند.
ثانيا: مصادر التمويل متوسطة وطويلة الأجل:
يستخدم هذا التمويل إجمالا لتمويل الاحتياجات متوسطة وطويلة الأجل كالأصول الثابتة ويتضمن التمويل متوسط وطويل الأجل عدة مصادر من أهمها:
أ- الأسهم: السهم هو جزء من رأس المال وبالتالي فإن للمساهم مهما كانت حجم مساهمته عدة حقوق وعليه عدة واجبات.
ب- إسناد القرض: إسناد القرض هو أداة دين يتعهد بموجبها مصدر الإسناد بدفع قيمتها إلى حاملها في تاريخ محدد سلفا بالإضافة إلى منحة فائدة كنسبة مئوية من قيمة الإسناد في فترات محددة، وقد نست المادة 2/28 من قانون الشركات الأردني على أن إسناد القرض هي وثائق ذات قيمة اسمية واحدة قابلة للتداول وغير قابلة للتجزأة تعطى للمكتتبين مقابل المبالغ التي أقرضوها للشركة قرضا طويل الأجل.
جـ - عقود التأجير:
عرف المعيار المحاسبي الدولي رقم (17) عقد الإيجار بأنه عبارة عن اتفاقية يعطي المؤجر بموجبها إلى المستأجر حق استخدام موجودات معينة لفترة زمنية متفق عليها وذلك مقابل إيجار معين، وبالتالي فعقد التأجير ينظر إليه على أنه اتفاقية تتضمن السماح للمستأجر باستخدام آلات أو أجهزة أو معدات أو أجهزة كمبيوتر أو غير ذلك من الأصول الثابتة لفترة محددة مقابل قيام المستأجر بدفع مبالغ من النقود إلى المؤجر نظير استخدام الأصل والانتفاع به.
د- الاقتراض متوسط وطويل الأجل:
قد يتم اللجوء إلى الاقتراض متوسط أو طويل الأجل وذلك لعدة أسباب منها عدم إمكانية الشركة اللجوء إلى طرح أسهم جديدة للاكتتاب وعدم رغبة الإدارة في تخفيض ثقلها ووزنها في مجلس الإدارة نتيجة دخول مساهمين جدد، ويستخدم هذا النوع من الاقتراض لتمويل خطوط إنتاج أو للتوسع في مشاريع قائمة.
وهناك خمسة عوامل تؤثر في تحديد قرار نوع التمويل:
-1 الملاءمة :
المقصود بالملاءمة هو الحصول على الأموال اللازمة المناسبة لنوع الأصول المستخدمة أو المشتراة.
-2 الدخل المتحقق :
يعتبر تحقيق أكبر قدر ممكن من الدخل واحدا من الأهداف الرئيسية للتخطيط في اختيار نوع الأموال التي ستستخدم في الهيكل المالي.
-3 درجة المخاطرة :
تمثل درجة المخاطرة احتمال حصول المالكين على نسبة معينة أو مقدار معين من العائد المتحقق، وعليه فهم أول من يتحمل أي مخاطرة تنجم عن عمليات الاستثمار للأموال.
-4 المرونة:
المقصود بالمرونة هنا إمكانية تعديل مقدار مبلغ التمويل في الزيادة أو النقصان تبعا للتغيرات الرئيسية في مقدار الحاجة إلى الأموال.
-5 التوقيت:
يعتبر التوقيت أحد العوامل الأساسية التي تؤثر في تكلفة الأموال المقترضة.
الرقابة المالية:
ينبغي أن يكون هنالك لأي وظيفة نظام محدد للرقابة يقيم القرارات المالية ويقارن التخطيط مع التنفيذ، وحتى تكون الرقابة المالية فعالة فإنها يجب ان تعتمد على أرقام مخططة ومعايير تستخدم للمقارنة مع أرقام التنفيذ الفعلي، حيث بعدها يمكن تحديد طبيعة وحجم الانحرافات Deviations عن الخط الموضوعة.
إن الرقابة المالية لا تقتصر فقط على كشف الانحرافات وتحديدها، بل تمتد لتشمل تحليل هذه الانحرافات ودراسة أسبابها، وكذلك اتخاذ الإجراءات التصحيحية وللرقابة المالية تصنيفات عديدة من أهمها التصنيف المتعلق بتوقيت حدوثها، حيث تقسم إلى ثلاثة أنواع في هذا المجال.
-1 الرقابة الوقائية:
وهي تلك الرقابة التي تعمل على تجنب الوقوع في الأخطاء قبل حدوثها والاستعداد لمواجهتها مسبقا وقد تشمل الرقابة الوقائية وضع أنظمة مالية معينة.
-1 الرقابة المتزامنة
أي القيام بالرقابة أثناء أداء العمل فتتزامن الرقابة هنا مع الأداء الفعلي للعمل.
-3 الرقابة اللاحقة
تطبق الرقابة اللاحقة بعد انجاز العمل، حيث تتم مقارنة الأرقام المخططة مع التنفيذ الفعلي وذلك لأجل كشف الانحرافات وتحديدها والعمل على معالجتها.
أما من حيث مصدر الرقابة المالية فيمكن تصنيف الرقابة إلى نوعين رئيسيين:
-1 الرقابة الداخلية
الرقابة الداخلية هي تلك التي تتم داخل المنظمة.
-2 الرقابة الخارجية
تتم الرقابة الخارجية من قبل جهات أو أجهزة رقابية خارجية متخصصة، كتلك التي تتم من قبل شركات التدقيق الخارجي( ).
خاتمة:
من خلال بحثنا هذا، استنتجنا أنّ للوظيفة المالية أهمية من خلال الدور الذي تلعبه داخل المؤسسة الاقتصادية، وكذا مكانتها المهمّة ووظائفها الأهمّ، فهي تعتبر عصب حيوي، فعال ونشيط في مختلف الميادين.
قائمة المراجع:
1)-عبد الغفار حنفي، مدخل معاصر في الإدارة المالية، رسمية زكي قرياقص، الدار الجامعية، 2002.
2)-محفوظ جودة، حسن الزغبي، ياسر المنصور، منظمات الأعمال، دار الوائل ، عمان، 2004.
3)-منير إبراهيم هندي، الإدارة المالية : مدخل تحليلي معاصر، الطبعة السادسة، المكتب العربي الحديث، الإسكندرية، 2004.
4)-ناصر دادي عبدون: التحليل المالي ، الجزء الأول، دار الطباعة والنشر، الجزائر 1988.
5)-ناصر دادي عدّون، اقتصاد المؤسسة، دار المحمدية العامة، الجزائر.
6)-يوسف حسن يوسف، التمويل في المؤسسات الاقتصادية، دار التعليم الجامعي، الإسكندرية، 2012.
7)-المواقع الإركترونية: Djelfa.info
0 تعليقات